lunes, 17 de septiembre de 2012

أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل بين الهوية والأسطورة والشهرة


أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل بين الهوية والأسطورة
والشهرة : 1492-2010

   كتب عبد القادر تيمول حول أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل، بين الهوية والأسطورة والشهرة المجادل فيها، منذ اكتشاف أمريكا إلى اليوم (1492-2010)، قائلا : «يبقى على البحوث التاريخية أن تقوم بتحديد شروط هجرة المغاربة، المسلمين واليهود [سودا وبيضا، مسلمين، ويهودا]، لأمريكا منذ ميلاد هذه الأمة [الأمريكية] بالذات. ومن الواضح أنهم هاجروا مرورا بالطريق الوحيد الموجود في تلك الفترة، وهو البحر. ومن المحتمل أيضا أن الكثير منهم كانوا بحارة في خدمة الأساطيل الإسبانية، والبرتغالية بالبرازيل، التي كانت تعاني من نقص في السكان، وبالأخص في اليد العاملة من رجال البحر. والآخرون كانوا من التجار، والحجاج أسرى قراصنة البحر والذين بيعوا كعبيد في السوق الأمريكية.» - L'HISTOIRE AMERICAINE" DUMAROCwww.maroc-hebdo.press.ma ، ص.3. ويبدو أن المغاربة رافقوا ’كريستوف كولومبس‘ (Christophe Colomb)، لاكتشاف القارة الأمريكية، سنة 1492. وأنهم كانوا يعدون رعايا أمبراطورية المغرب القديم الممتدة من طنجة إلى السودان. حيث جاء  في ’موسوعة ويكيبيديا الحرة‘ (Wikipedia, l'encyclopédie libre) قولها : "وأمام توسع إسبانيا، وثروتها الجديدة (الإمراطورية الأزتيكية التي تم غزوها، وتدفق الذهب عليها)، بحث السلطان [يعقوب المنصور السعدي [الذهبي، بالمغرب] : [1573 - 1603] عن مصدر آخر للذهب، وتوجه إلى (...) السودان (...). وهيأ بإتقان غزوه، سنة 1578، بقيادة جودر (Djouder)، وهو المجال الذي كان يمتد من السينغال إلي العير(بالنيجير، عبر مالي)." –"Ahmed al-Mansur Saadi"، www.wikipydia.org ، ص.1.

    ويشير موقع ’فوروم جينيالوجي أون إسباني‘ (Forum généalogie en Espagne)، أخذا عن المؤرخين الإسبانيين ’لويس سيكو دي لوسينا‘Luis Seco de Lucena : ) (1847-1941 و’لويس مارمول كارجفال‘ (Luis Marmol Carjaval : 1520-1600) بقوله  : "يخبرنا المؤرخ الإسباني ’لويس سيكو لوسينا‘  (Luis Seco Lucena)أن المؤرخ ’لويس مارمول كارجفال (Luis Marmol Carjaval)، من القرن 16م، يؤكد أن ’الغماريين‘ في جزر كنارية (les Gomerez aux îles Canaries)، هم ’غمارة‘ الريف بشمال المغرب، أي غمارة .(Ghomara) ويؤكد بأن هذه القبيلة التي هي من أصل بربري، انتقل جزء منها، سنة 1304، من شمال المغرب إلى الأندلس، في خدمة ملوك غرناطة، بني الأحمر.

 وفي يناير 1492، سلم أبو عبد الله مفاتيح قصر الحمراء لإيزابيلا الكاتوليكية تاركا غرناطة (...). وبعد شهرين، طلب كريستوف كولومبس من إيزابيلا الكاتوليكية تمويل مشروعه لاكتشاف العالم الجديد؛ وأجابته بالموافقة. غير أن الملاح كريستوف كولومبس كان لديه مشكل نقص في رجال البحر. وهكذا، تطوع الغماريون لدى توقفه عندهم، بسبب عطب في إحدى سفنه، في جزر الكناري لمساعدته في هذه الرحلة إلى العالم الجديد." –"Christophe Colomb et les Gomerez" ، www.ghommo.fr، ص.1. وعليه، يمكننا التعرف على أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل، اليوم، وهم يتقلبون بين الهوية، والأسطورة، والشهرة المجادل فيها، بين 1492-2010،  كالتالي : 

   1- المغاربة الأمريكان الأوائل، أيام الأمبراطورية المغربية القديمة الممتدة من طنجة إلى السودان جنوب الصحراء، بين 1492-1791 : 

   وفيما يتعلق بالمغاربة الأمريكان الأوائل، الذين حلوا بأمريكا كعبيد، وبحارة، ومهاجرين، أيام الأمبراطورية المغربية القديمة التي كانت تمتد من طنجة إلى السودان، جنوب الصحراء، بين 1492-1791، إذ يذكر عنهم ع. تيمول قائلا : "وحول هذا الموضوع، يمكن ذكر التدابير الإيجابية التي استفاد منها المغاربة لدى غرفة نواب الولايات المتحدة الأمريكية سنتي 1780-1790. ويتعلق الأمر بمواطنين مغاربة بيض، وملونين سبوا في البحر وبيعوا كعبيد في الأسواق الأمريكية. وقد أعفتهم الدولة [الأمريكية] الفتية، على الرغم من العنصريين ذوي الأغلبية، من مقتضيات ’قانون- الزنوج‘(Negro-Act) (...). وأحصت’الجمعية المعادية للعنصرية‘بلندن)  (The Anti- Slavery Society de Londres ، من خلال تحرياتها، أن عددا من السود-المسلمين، كانوا بالأساس مغاربة الجنوب (Marocains du Sud)، وبالتالي مورطانيين، وأيضا سينغاليين، وماليين، وغينيين، ونيجيريين...) لا يعودون من طريق حجهم بحرا إلى مكة (...).

    وبالمقابل، فإن كثيرا من المغاربيين(Maghrébins)، والمغاربة،كانوا قد هاجروا أيضا إلى العالم الجديد بكثرة، كبحارة على متن الأساطيل البرتغالية- الإبيرية التي كانت تعاني من نقص في رجال البحر. وكان البرتغاليون والإسبان مضطرين لتوظيف وإلحاق أعداد منهم تتألف من المغاربة، بالأخص من مينائي سبتة، ومليليا." - L'HISTOIRE AMERICAINE DUMAROC" المصدر السابق، ص.3.  ومن أمثال المغاربة الأمريكان الأوائل، الذين حلوا بأمريكا كعبيد، ومهاجرين، أيام الأمبراطورية المغربية، ما بين 1492-1791، نورد كمثال :

·  ’مصطفى الزموري‘:   (Mustapha Zemmouri : 1539 - 1503) وهو شخص معروف قليلا في المغرب، ولم يسمع الكثيرون، بلا شك، الكلام عنه أبدا ، لأن  كتب التاريخ نادرا ما تحدثت عن هذا الرجل المغربي الأمريكي، ضمن المغاربة الأمريكان الأوائل، والذي عاش في القرن 16م. وهو أحد مكتشفي أمريكا الشمالية (l'Amérique du Nord)، بصم تاريخيا لقرون العلاقات بين ’الولايات المتحدة الأمريكية‘ (les Etats-Unis d'Amérique) و’المغرب‘ (le Maroc). وقد ولد في مدينة ’أزمور‘ (Azemmour)الساحلية [أسفي حاليا]؛ وأسر في سن المراهقة من طرف البرتغاليين، الذين كانوا يحتلون آنذاك هذا الجزء من المغرب. ثم بيع من طرف هؤلاء كعبد لقائد إسباني اسمه ’أندريس دورانتس دي كارنزا‘(Andrés Dorantes de Carranza). وبصحبته، شارك ’مصطفى‘ في الحملة الاكتشافية لأمريكا الشمالية تحت اسم ’بانفيلو دي نافييز‘ (Panfilo de Navaez)، سنة 1527م لغزو ’فلوريدا‘(la Floride).

  وهو معروف أكثر بلقب ’إستيفانيكو‘(Estevanico)، وكذا بتسميات أخرى مثل ’إستيبانو‘(Estebano)، أو’المغربي‘ (le Maure)، أو ’المعَّرب‘ (l'Arabophone)، أو ’استيفن الأسود‘ (Stephen le Noir). وذكر الاسم المنسي لهذا المكتشف المغربي لأمريكا الشمالية أثناء مناقشة في ’وشنطن‘(Washington)، في إطار ’الاتفاقية الرابعة السنوية للتحالف المغربي- الأمريكي‘ (11-12 أكتوبر 2006)، كما أوردت ذلك ’وكالة المغرب العربي‘.(MAP) وكان الهدف من ذلك التأكيد على أن تاريخ المغرب وأمريكا مرتبطان أصلا، منذ عدة قرون. وحول العلاقات التاريخية بين البلدين، فإن المغرب كان أول بلد اعترف باستقلال ’الولايات المتحدة الأمريكية  (les Etats- Unis d'Amérique)، وكان ذلك من طرف السلطان سيدي محمد بن عبد (محمد III)، يوم 20 فبراير 1778.

   وقد روى المؤرخون أن ’إستيفانيكو‘(Estevanico) أتقن عدة لغات أميركية- هندية في ظرف بضع سنوات فقط. وكان متعدد الألسن بشكل ملحوظ، لعب دور الترجمان بالنسبة لدى الغزاة (les conquistadors). وكان أيضا دليلهم لاكتشاف، واختراق ’أريزونا‘(l'Arizona)، و’نييو- مكسيكو‘ (le Nouveau Mexique). وعاشر الهنود الحمر الزوني (les Indiens Zuni) إلى أن مات. وتحدث آخرون عن اختفائه الغامض، كما نقلوا بأنه اغتيل على يد قبائل الزوني (les Zuni). ومن المؤكد أن أنه فقد الحياة في ’هاويكوه‘(Hawikuh)، وهي مدينة قديمة توجد في المحمية الهندية للزوني، بولاية ’نييو- مكسيكو‘ الحالية  . (le Nouveau Mexique) وقد استلهم حمزة بن إدريس العثماني من أسطورة ’إستيفانيكو‘(Estevanico) كتابة رواية بعنوان "ابن   الشمس"«Le Fils du Soleil»، الصادر عن دار النشر ’لابورط‘ (Editions La porte)، بفرنسا؛ وهو العمل الذي حصل على جائزة المغرب للإبداع الأدبي، سنة 2006 –Ibrhima Koné, " Mustapha Zemmouri www.yabiladi.com ، ص.1.

·  ’فيليس‘ أو ’فيليس ويثلي‘ (Phillis ou Phyllis Wheatley  : 1753-1784): وهي مغربية تدعى ’فيليس‘ أو ’فيليس ويثلي‘ (Phyllis Wheatley) ولدت بالسينغال [جنوب الإمراطورية المغربية القديمة]، وسبيت ثم بيعت كعبدة في سن 7 من عمرها. وتم إرسالها إلى أمريكا، سنة 1761، ثم اشتريت من طرف ’جون وسوزاناه ويتلي‘(John et Susannah Wheatly). وبالرغم من إبقائها في العبودية من طرف هذه الأسرة، فإنها تلقت تنشئة جيدة، مما مكنها من تعلم اللاتينية، واليونانية، ودراسة الإنجيل. وأتقنت بسرعة اللغة الإنجليزية، ونشرت أول قصيدة لها وهي في سن 13 من عمرها.

  و’فيليس ويثلي‘(Phyllis Wheatley) أول شاعرة سوداء أمريكية، من بين المغاربة الأمريكان الأوائل، التي ضحيت على شهرة ذائعة. وديونها ’قصائد في مواضيع متنوعة‘ (Poems on Varous Subjects)تم نشره سنة 1773م، ثلاث سنوات قبل بداية ’الثورة الأمريكية‘لنيل الاستقلال (La Révolution Américaine : 1776-1781)، وخمس سنوات قبل اعتراف المغرب، وسط اندلاع ثورة استقلال وبزوغ الدولة الأمريكية الفتية، سنة 1778م.

·  ’الشريف دريو علي‘  (Timothy Drew/ Noble Drew Ali : 1886-1929): وهو مغربي الأصل، ولد في ’كارولين الشمالية (Caroline du Nord)، ومات إثر اتهامه بجريمة قتل واعتقاله وضربه من طرف الشرطة في ’شيكاغو‘ (Chicago)، بعد إطلاق سراحه وتركه تحت المرااقبة، في انتظار قرار اتهامه. وتهمة  قتل ’كلود غرين   آل‘ (Claude Green El)، أحد أعضاء منظمته الذي انفصل عنه، وأعلن نفسه شيخا صحبة أعضاء آخرين، كان قد طعن من طرف مجهولين سابقا، ولم يتم أبدا إثبات هذه التهمة في حقه. واعتبر بعضهم أن وفاته كانت ناجمة عن سوء المعاملة التي لقيها على يد الشرطة آنذاك –Morish" "Science Temple of America، www.wkipedia.org، ص.1-2.

   وكان ’الشريف علي دريو‘(le Noble Drew Ali) قد أبرز فكرة انتماء السود الأمريكيين الأوائل، والشعب الأفرو-أسيوي، أو الأفرو-أمريكيين إيجاد مرجع هويتهم ، ضمن ميتولوجيا  (une mythologie)معترف بها من طرفهم والتي تقوم على محاولة ربط الأفرو-أمريكيين بإرثهم الثقافي الأسيوي بنشر مفهوم جديد للفظ باعتبار الإسلام الذي كان مطلبا من طرف أعضاء ’الحركة الأحمدية‘ في أمريكا‘(l'Ahmadyya Movement in America) كدين كان موجها أصلا للشعب ’الأسود‘، الإفريقي والأسيوي، وأن الدين الإسلامي الذي يدافع عنه شخصيا في معبد (le Moorish Science Temple)، وبضع سنوات بعد، في منظمة ’أمة الإسلام‘(la Nation of Islam)، هو دين الشعب الأفرو-أسيوي، الشعب الأصلي، المنبثق من المغرب  (le Maroc).

   وحسب ’الشريف علي دريو‘ (Noble Drew Ali)و’إيليجياه محمد‘ Eljiah) (Mohamed: 1897-1975 يرجع الشعب الأفرو-أسيوي،  كشعب مسلم، من قبيلة منحدرة من موقعين رمزيين رفيعي المستوى، في تاريخ الإسلام، هما قطبي المغرب، والعربية السعودية، إذ امتد تأثيرهما إلى مجموع البشرية. وعليه، فإن ’ دريو علي ‘ (Drew Ali) ومعبده ’معبد العلم المغربي‘ (le Moorish Science Temple) يدعوان الأفرو-أمريكيين الالتفاف حول تسمية الأفرو-أسيويين، وبالأخص حول ’معبد العلم المغربي‘ (le Moorish Science Temple)، وأنهم ينحدرون من المغرب (originaires du Maroc) ، وأن  زعيمهم المزداد آباؤه بهذا البلد، قد يكون قد تلقى رسالته من ملك المغرب، لتعليم الإسلام للأفرو-أمريكيين – "Pauline Guedj, ISLAM NOIR ET IDENTITE ARABO-MUSULMANE"، www.cairn.info، ص.1.

   وهناك عدة نشرات تشهد على تعلق أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل بشخص جلالة الملك، ومؤسسات المملكة المغربية، معلنين عن اعتزازهم بسلفهم المغاربة الأمريكان الأوائل، وبخصوصيتهم المغربية في المجتمع الأمريكي. وفي نشرة متعلقة بالاحتفال بمرور مائة سنة على العلاقات المغربية - الأمريكية (1886-1986) أبرز ’ دريو علي ‘ (Drew Ali) صورة بورتري جلالة الملك الحسن الثاني (SM Hassan II) لغلاف كتابه الشهير ’التحدي (le Défi)، مرفوقا بمقتطفات  تصريحات ’أبناء مغاربة أمريكان من ’سان لوي/ ميسوري‘Les Maures de Saint-) (Louis/ Missouri، و’نيتوراك/ نيوجرزي‘(Netwark/ New Jersey)، وشيكاغو/ إلينويز (Chicago/  Illinois)، و’هارتفورد/ كونيكتيكوت‘ (Hartford/ Connecticut)، و’أوجا-لوكا‘/ (Oja-Locka/ Floride)، و’واشنطن دس‘ (Washington DC)، و’توسكيجي/ ألاباما‘ (Tuskegee/ Alabama) كإعلان دولي، ليوم 8 يناير 1986، يوم ’الشريف دريو علي‘ كزعيم للمجموعة المغربية (la communauté maure) بالولايات المتحدة الأمريكية، والمنحدرة من المغرب – "L'HISTOIRE AMERICAINE DUMAROC"، المصدر السابق، ص.5.
  
   وعليه، سوف نستحضر صورة أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل بين الهوية والأسطورة والشهرة، من منطلق دينهم الإسلامي ووطنهم الأصليين.

     2- أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل بين الهوية الأسطورة والشهرة والحنين للدين والوطن الأصليين بين 1492-2010 : 

   وقد كتب َ. ع. تيمول (A. Timoule) حول أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل وتقلبهم بين الهوية والأسطورة والشهرة والحنين الدين والوطن الأصليين،  ما بين  1492-2010، قائلا : "قدمت عريضة  لغرفة النواب [الأمريكية] صادرة عن كل المغاربة الأحرار (les Maures libres)، رعايا إمبراطور المغرب المقيمين بهذه الدولة، مطالبة، في حالة الاتهام بجناية أن يقاضوا بالمحكمة، باعتبار وضعهم كرعايا أمير حليف للولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي وفق قوانين مواطني هذه الدولة والتي تتلى نصا عليهم وليس وفق ’قانون السود‘le Negro Act – janvier)  (1790 (...). وفي أيامنا هذه، توجد مجموعة مهمة مغربية une communauté)    (maure بالولايات المتحدة الأمريكية  (aux USA). وهي تتماهى، على مستوى وعيها الجمعي، مع الإرث الثقافي المغربي. وتنتظم هذه المجموعة في إطار جمعيات من أهمها دينيا ووطنيا أصلا : ’الحركة الوطنية والإلهية المغربية‘Le Moorish national and) (divine Movement، و’المعهد المغربي‘(le Moorish Institute)، و’التحالف الوطني والمهني المغربي‘(le National coalition of profesional Moors)." - "L'HISTOIRE AMERICAINE DUMAROC"، المصدر أعلاه، ص.3-4. 
   
   ومن هنا، أخذ أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل، في غياب مرجعية علمية واقعية،  يحنون لهوية أسطورية من خلال دين ووطن آبائهم الأولين، متأثرين عرضا بما حولهم والديانات، في أمريكا، دون إغفال، الإمبراطورية المغربية التي انحدر منها سلفهم، بعد سنة 1492. ويتقدم هؤلاء ’الشريف دريو علي‘Noble) (Drew Ali : 1886-1929، الذي ترجم له ’سبارتكوس فريمان‘ (Spartakus FreeMann)، في كتابه ’فوضوية الكينونة‘(Anarchisme Ontologique)، سنة 2008، كما لخص ذلك ’حكيم باي‘ (Hakim Bey) في قوله : "وحسب التعاليم المنقولة شفويا عن  ’الشريف دريو علي‘ مؤسس ومرشد ’معبد العلم المغربي بأمريكا‘ le Moorish)     (Science Temple d'Amérique : أن أيرلندا  (l'Irlande)كانت سابقا جزءا من الإمراطورية المغربية (l'Empire Maure)؛ أي أن السلت (les Celtes) كانوا مسلمين وأنه كان هناك مغاربة سود [نقلوا إلى أمريكا] من إفريقيا الشمالية des Maures  noirs d'Afrique du) (Nord  متواجدين في إيرلندا(...).

   "ثم : ماذا يصنع بالصلائب  (les croix)التي كتب عليها ’بسم الله‘ 'Au nom) (d'Allah ', mots d'ouverture du koran، كلمات فاتحة القرآن، مكتوبة بالخط الكوفي، التي وجدت في إيرلندا؟ (...). والصلات بين إيرلندا وإسبانيا ترجع بالتأكيد إلى العهد الإسلامي [المغربي] وأن ’الإرلنديين السود‘ يمكن أن تكون لهم جينات سواء مغربية  (Maures) أو كاستيانية .(des gènes Castillans)" –Le Manifeste de la Ligue de" "l'Epine Noire، www.kaosphorus.net ، ص.1-4. وفي نفس السياق يروي حكيم باي أيضا أن قراصنة سلا المغاربة كانت لهم صلة بإيرلندا مبينا : "إن توضيحنا الأول – أول إشارة فيما يخص مدرسة معدة بالكامل للمسألة الأيرلندية/ المغربية(Irlandaise/ Maure)  - أتت لدى شرائي كتاب في دوبلين (à Dublin) لصحفي إيرلندي يسمى ’بوب كوين‘(Bob Quin) ’ الإرث الأطلسي والبحري لإيرلندا الشمال الإفريقية‘ (Atlantean : Irelandand's North African & Maritim "heritage, Quartet Books, (London/NY, 1986  (...).

  وبوضعنا جانبا كل المواد التي جمعها ’كوين‘(Quin) فيما، نسميه، التأثير المصري علي الكنيسة البدائية السلتية – أو حول الروابط البحرية الإسبانية-المغربية-الإيرلنديةles connexions maritimes hispano –mauro -irlandaises) (– أو حول القراصنة البرابرة [سلا]، بحيث يمر ’كويوين‘ مر الكرام على كون القراصنة الإيرلنديين اعتنقوا الإسلام، وشاركوا في جمهورية [إمارة] سلا la République de) (Sallee، أسطورة طوباوية مغربية- وبعبارة أخرى، وبتنحيتنا المستوى التاريخي، نصل إلى قلب فرضية ’كوين‘ : أن ,الإرلنديين‘ (les Irlandais) و’المغاربة‘ les) (Maures هم في الواقع نفس الشعب (وهو ما لا يقوله مباشرة أبدا، ولكن  ما يفكر فيه بجلاء).

  "وسابقا، أعتقد أنني حددت موقع مجموعة مواضيع ما قبل- سلتية des thèmes) (pré- celtiques حول أسطورة ’الفوموريين‘  (le mythe des Fomoriens) العمالقة ذوي الرجل الواحدة ، والعين الواحدة المغاربة ، الذين كانوا سابقا في إيرلندا عندما قدم السلت، أو ’سوسة ذي كنعان‘  (Thuata de Danaan) – وإن كان حسب بعض  الروايات أن ’الفوموريين‘(les Fomoriens) جاءوا من البحر. (وملاحظة : أن ’أمور‘ (Amur)، اسم قديم للمغرب ومورطانيا  (Maroc et Mauritanie)[الإمبرطورية المغربية، سنة 1492]؛ وآرموريك‘ (Armorique) الاسم القديم لإبريطانيا la) (Bretagne وللفوموريين  (les  Fomoriens) (...). وبمجرد أن تكون هذه الصلة قد تم استكشافها بشكل وثيق، أعتقد أن إحدى أفكار ’الشريف دريو علي‘  الأكثر غرابة ستبدو أنها واقعا بساطا،  تم التعبير عنه بمجازات دينية des métaphores) (religieuses. " – ""Le Manifeste de la Ligue de l'Epine Noire، المصدر السالف، ص.1-2.

    وتؤكد ’بولين گيدج‘  (Pauline Guedj)على الطابع الأسطوري للهوية التي يحاول أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل استحضارها حول دين ووطن آبائهم الأصليين، إبان الإمبراطورية المغربية، دينهم الإسلامي، قبل سنة 1492م، قائلة : "والمغاربة الأمريكان (Les Moorish Americans)، أتباع ’الشريف دريو علي‘  (Noble Drew Ali)، هم بالتالي منحدرون من شعب مسلم أبا عن جد، الشعب المغربي (le peuple maure). ففي هذا العصر الأسطوري (à cette époque mythique) كان الإسلام على حالته الأكثر صفاء (l'Islam existait à son état la plus pur). وكان عندها دين الشعب الأفرو- أسياوي  وحده، الشعب الذي سوف يهاجر لاحقا إلي أمريكا، وآسيا، وأوروبا لإنجاب العرب (les Arabes)، سكان المغرب حاليا [سنة 2010]. ويشكل المغرب (le Maroc) هكذا الأرض الأصلية للأفرو- أسيويين، وفي نفس الوقت بلد يجعلهم، في الزمن الحاضر، يحافظون على صلات وثيقة به.  واليوم أيضا، يحاول أعضاء ’معبد العلم المغربي‘ (le Moorish Science Temple) إقامة روابط بين مجموعتهم في ’الولايات المتحدة‘) leur communauté aux Etats-(Unis،  والمملكة  المغربية  (le Royaume du Maroc)." – " ISLAM NOIR ET IDENTITE ARABO-MUSULMANE"، المصدر السابق، ص.1.   

   وكدليل على هذه العلاقات الوثيقة بين أبناء الغاربة الأمريكان الأوائل في الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب، ما بين 1492-1786، وجود آبائهم بها كمكتشفين لها سابقا، وشهود هنا على استقلالها، يوم 4 يوليوز 1776، وذلك من خلال ملاحظة ما يلي :

      3- أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل شهود على استقلال الولايات المتحدة الأمريكية  بين 1776-1790 : 

   وذكر أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل الذين كانوا شهودا على استقلال ’الولايات المتحدة الأمريكية‘ (USA)،  ما بين 1776-1883، يجعلنا نسجل استثناءهم من قانون العبودية آنذاك، قبل نسخه، وذلك خصوصا غداة اندلاع الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب هناك، بوصفهم رعايا سودا وبيضا، ومسلمين ويهود، تابعين لإمبراطور المغرب، حليف هذا الدولة الفتية، السلطان سيدي محمد بن عبد الله (1757-1790). وفي هذا الصدد، يقول ع. تيمول عن الامتداد الجغرافي، والتاريخي، والبشري للإمبراطورية المغربية، والمغاربة الأمريكان الأوائل المنحدرين منها يومئذ، مبرزا : "وأحصت ’الجمعية المعادية – للعبودية أو ’آنتي - سلافاري سوسييتي‘ بلندن Anti-Slavary)   (Society of London، أثناء تحرياتها، أن الكثير من السود- المسلمين( beaucoup de Noirs – musulmans)، وبالأساس مغاربة الجنوب، وبالتالي الموريتانيين، وأيضا السينيغاليين، والماليين، والغينيين، والنيجيريين... principalement des Marocains du Sud et donc) (Mauritaniens, et aussi des Sénégalais, des Maliens, des Guinéens, et des Nigériens… لم يكونوا يعودون من حجهم إلى مكة.

  "وهذه الاختفاءات كان سببها الهجومات التي كانت تتعرض لها السفن التي كانت تسبيهم على يد سفن تجار العبيد الأوروبيين (les négriers européens). ولكننا نعلم كذلك أن الحجاج المغاربيين (des pélerins maghrébins) بيضا أو سودا كانوا أيضا أسرى للقراصنة الأوروبيين وكانوا يوجهون للأشغال الشاقة على ظهر السفن الشراعية الحربية .(destinés aux galères) وبالمقابل، فإن كثيرا من المغاربيين (beaucoup de Maghrébins) كانوا قد هاجروا من جديد إلى العالم الجديد بصفتهم بحارة على متن الأساطيل البرتغالية- الإسبانية التي كانت تشكوا من قلة رجال البحر. وكان الإسبانيون والبرتغاليون مضطرين لتوظيف أو إدماج أعدادا مؤلفة من المغاربة، وبالأخص من مينائي سبتة ومليلية في سفنهما (de Sebta et Mellilia)." - "L'HISTOIRE AMERICAINE DUMAROC المصدر ذاته، ص.3. ومن بين أبناء هؤلاء كشهود على استقلال أمريكا الشمالية نذكر، على سبيل ما يلي :

·     ’موسيس إيلياس ليفي-يولي‘(Moses Elias LEVY-YULY : 1854-1782) :
من أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل، يهودي ينحدر من أسرة عريقة من أعيان الرباط ومكناس، وهو حفيد ’صمويل ليفي بن يولي‘ (Samuel LEVY ben YULY)، نقيب يهود مكناس، عندما كانت عاصمة الإمبراطورية المغربية الشريفة، حوالي 1730)، كان قد غادر مسقط رأسه، مدينة الصويرة (Mogador) للهجرة إلى أمريكا، عبر جبل طارق، وعمره 18 سنة، سنة 1800. وسيكون ثروة في ’جزر الكرايبي‘(aux îles Caraïbes)، في ’بويرطو – ريكو‘، بكوبا Puerto- Rico via) (Cuba، في مزارع السكر (التي كانت تستخدم العديد من العبيد، ثم سيستقر في ’فلوريدا‘(Floride)، ابتداء من سنة 1812. ثم ترك نشاطه في زراعة السكر ليتحول إلى الفلاحة التقليدية.

’دفيد يولي‘(David YULY : 1883-1812) : ابن ’موسيس إيلياس ليفي-يولي‘Moses) (Elias LEVY-YULY : 1780-1854)، السالف الذكر، ولد في الولايات المتحدة الأمريكية، في ’سان توماس‘ (St Thomas)، وتوفي في ’وشنطن‘(Washington)، وسوف يكون أول سيناتور يهودي في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية (USA)، من أصل مغربي – "LES JUIFS DU MAROC"،"وكان رجلا ذا ثقافة استثنائية (عصامي التكوين، يكتب العبرية، والإنجليزية، والإسبانية)، سيستغل ثروته لخلق مقاولة فريدة من نوعها في فلوريدا : ضيعة جماعية لليهود لم تعمر طويلا (...). وفي سنة 1828، سيقوم بزيارة إلى لندن، بدعوة من الطائفة البروتستانتية التي كانت تريد تحويل اليهود المتنورين للمسيحية. وفي هذه المناسبة، قدم نصه : ’مخطط لإلغاء العبودية‘(Plan for abolition of slavery)، من خلال المحاضرات التي ألقاها بلدن. ولنذكر بأن البروتستانت الإنجليز كانوا عموما معادين للعبودية (ولكن بتراخ...) لأسباب دينية. ولدى عودته إلى فلوريدا استأنف نشاطاته الفلاحية، والتجارية، وتفرغ لتربية ابنه- "David Yuly" www.boutargue-memmi.com ، ص.1.

·  ’فرانسيس‘(Francis)، و’دانييل(Daniel)، و’هاموند‘ (Hamond)، و’صامويل‘ (Samuel) : وهم أربعة من أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل اليهود، كانوا عبيدا سابقين بأمريكا، عند صدور ’قانون – السود  Negro-)      (Act في الجريدة الرسمية لمجلس النواب الأمريكي، سنة 1790. وقد رفعوا عريضة بتوقيعهم إلى مجلس النواب المذكور، مطالبين بتوضيح وضعيتهم القانونية (la clarification de leur statut légal)، بكونهم رعايا أمبراطور المغرب، وأنهم تم سبيهم من طرف قائد حرب إفريقي، وسلموا إلى شخص يدعى ’القبطان كلارك‘(le Capitaine Clark)  الذي وعدهم بأن يقودهم إلى إنجلترا (en Angleterre)، حيث سيشتري حريتهم ’السفير المغربي‘ مقابل أداء فدية عنهم.

    "لكنه باعهم في ’كارولينا الجنوبية‘ وأصبحوا عبيدا. وبعد ذلك، اشترى هؤلاء الرجال الأربعة حريتهم وحرية زوجاتهم في الوقت ذاته. ثم إنهم أرادوا الاطمئنان على أنفسهم في حالة ما إذا تعرضوا للاتهام بجناية، بأن يحاكموا كرعايا دولة أجنبية [المغرب] من طرف ’محكمة الدورات العامة‘la Cour des Sessions) (Générale أصلا، وليس كالسود الذين يحاكمون أنذاك من طرف ’محكمة القضاة وأصحاب الإقطاعات‘ (la Cour des Magistrats et des Francs - tenanciers). فقررت الغرفة أن هؤلاء الرجال كانوا مواطنين مغاربة محررين des citoyens) (marocains affranchis، مما يعفيهم من القوانين التي تنظم السود الأحرار les) (Noirs libres – "L'HISTOIRE AMERICAINE DU MAROC  المصدر السابق، ص.3.

    وفيما يهم الشهرة المجادل فيها لأبناء المغاربة الأمريكان الأوائل، يمكننا استحضار ما يلي :

4- أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل المشاهير في العصر الحديث ما بين سنتي 1912-2010 : 

   للوقوف على شهرة أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل في العصر الحديث، بين 1912-2010، لابد من ملاحظة الأهمية الثقافية التي يمثلونها في مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية، كما جاء على لسان ع. تيمول بقوله : "وفي أيامنا هذه،  المجموعة المغربية للولايات المتحدة  (la communauté maure des USA) مهمة. وتتماهى، على المستوى الوعي الجماعي، مع الموروث الثقافي المغربي (...). واستفادت على المستوى الثقافي أيضا بعطف واهتمام مجلس نواب الولايات المتحدة الأمريكية الذي تبنى في هذا الصدد قرار، سنة 1933 une résolution en) (1933. وكان لصالحهم، وتلي من طرف كاتب محكمة   (un Clerc) كالتالي بمجلس النواب، يوم 17 أبريل، 1933 قائلا : ’الكثير من بنات وأبناء هذا العرق [المغربي] المعتز بذاته والجميل، الذي ألهم معمار إفريقيا الشمالية ونقل إلى غاية إسبانيا تأثير طبعه الفني [الأندلس]، وهم الآن أعضاء في هذه الأمة [الأمريكية]‘. في هذه المدينة، ’فيلادلفيا (Philadelphie) ، هناك مجتمع مغربي-أمريكي أنهى رحلة بحثه بالعثور على مستقر له، هذا المجتمع منبثق عن أبناء  المغرب le) (Maroc " – المصدر نفسه، ص.5. ومن بين مشاهير أبناء هؤلاء المغاربة الأمريكان الأوائل، أو مريديهم، المعاصرين نستعرض ما يلي:

· ’ولاص فارد علي‘ (Wallace Fard Ali : 1934-1877): هو مؤسس جمعية ’أمة الإسلام‘ (la Nation of Islam – NOI )في ديتروا  (Detroit)بالولايات المتحدة الأمريكية، سنة 1930. وهي إحدى الجماعات ’المسلمة‘ التي ظلت ناقصة التنظيم حتى سنة 1950. ويحصى قبل ذلك ميلاد عدة مجموعات.ففي سنة 1913 أنشأ ’الشريف دريو علي‘(Noble Drew Ali) ’معبد العلم المغربي‘Moorish Science) (Temple. مع العلم أن النسبة الدقيقة للمسلمين الأفارقة [من أمبراطورية المغرب القديمة، سنة 1492]، وهم أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل، ضمن مجموعة العبيد المرحلين المغاربة ليست معروفة، ولكنها نسبيا هامة، مابين 10% و20% من المجموع. وفي نهاية الحرب الأهلية بين شمال وجنوب أمريكا، سنة 1865، لم يعد هناك بالولايات المتحدة مجموعة مسلمة أفرو-أمريكية معروفة. لكن التقاليد العائلية، وبعض الذكريات [عن أجدادهم من أمبراطورية المغرب القديمة]، بقيت حاضرة لدى هؤلاء بنسب يصعب تحديدها.

  وهناك أطروحة تقول بأنه ميلاده كان في ’نيوزلندا‘(en Nouvelle- Zélande)، وهو خلاسي أبيض-بولينيزي، قدم إلى الولايات المتحدة، سنة 1913. وبالنسبة لجمعية ’أمة الإسلام‘   (la Nation of Islam – NOI )، فإنه ازداد، سنة 1877، بمكة، في العربية السعودية [أو مغربية - إيرلاندية، حسب دريو علي]، قبل أن يأتي ليعلم شعب السود الإسلام في أمريكا، إلى أنه اختفى، حسب إيف.بي.آي. (F.B.I.)، حوالى سنتي 1934-1933. وتبقى صلته بالمغرب  أسطورية، من خلال علاقة السود المغاربة الأمريكان الأوائل بقطبي الإسلام المغربي السعودي. – "Musulmans noirs américains"، www.wikipedia.org ، ص.1-2.   
 
· ’إيليجاه محمد‘ (Elijah Muhammad : 1975 -1897): وبعد الاختفاء ’ولاص  فارد محمد‘(Wallace Fard Muhammad) الغامض، سنة 1934، تولى ’إيليجاه محمد‘ (Elijah Muhammad) إدارة حركة [علي ادريو] لأبناء المغاربة الأمريكان الأوائل، التي كانت آنذاك جماعة صغيرة. واتخذ لذاته  لقب ’مرسول الله‘(le messager d'Allah) وهو الاسم الذي ما تزال المنظمة تدعوه به إلى اليوم. واستمر ينشر دعوتها، وهي بعد منحصرة، سنة 1934، ,ديتروا‘(Détroit)، و’شيكاغو‘(Chicago). وتبين أن الشمال الغربي الصناعي كان الأكثر قابلية لها. وأنشأ  محمد سلسلة من المعابد سوف يعود لتسميتها مساجد (mosquées)، وذلك حسب أرقام نشأتها. وهكذا فإن المسجد التاريخي في ’نيويورك  (la mosquée historique à New York) تدعى دائما باسم المسجد وقم7، لأنه المسجد السابع الذي أنشأه (أو زاره)  ’إيليجاه محمد‘.

    وتحت إدارة  ’إيليجاه محمد‘، أصبحت الجماعة جد تبشيرية. ومع الوقت، نقل وعاظها تعاليمها من تجمعات الشوارع، والأسواق إلى السجون الأمريكية. وبالأساس، في الأوساط الفقيرة لشمال الولايات المتحدة، حيث لقيت الجماعة بعض النجاح، زيادة على أن المسلسل كان بطيئا في بداياته. وأما أوساط السود المتمسحين جدا في جنوب الولايات المتحدة، وهي غالبا جد مهيكلة، كانت، بالعكس، جدا صعبة الولوج من طرفهم - "Musulmans noirs américains"، المصدر، ص.3.
· ’وارث الدين محمد‘  (Warith Deen Muhammad : né 1933 ): وهو الابن السابع ل ’إيليجاه محمد‘ (Elijah Muhammad) ، المتوفى يوم 26 فبراير 1975، والذي عينه والده خلفا له على رأس الحركة [المنبثقة عن أبناء المغاربة الأمريكان المسلمين السود الأوائل]، قبل وفاته. وفي ظرف ثلاث سنوات، ما بين 1975-1978، قلب رأسا على عقب إيديولوجية الحركة (l'idéologie du mouvement)، وسار بها على أساس سني صحيح une base sunnite) (orthodoxe، وفي قطيعة تامه مع الإيديولوجية العنصرية  en rompant avec) (l'idéologie raciste التي كانت لوالده. وتخلي أيضا عن مشروع دولة السود المستقلة. وعليه، تنوي الحركة الاستمرار في مخاطبة السود الأمريكيين بامتياز، لترشدهم إلى الإسلام، ولكنها ترى نفسها أيضا كمجموعة، هي جزء من الإسلام العالمي  (une communauté faisant partie de l'Islam mondial). وفي هذا الإطار،  تم إبدال اسم ’أمة الإسلام‘ (Nation of Islam) باسم ’مجموعة البلاليين‘Bilallian) (Community، ثم باسم ’مجموعة عالم الإسلام بالغرب‘The World Community Al-)-(Islam in the West – WCIW.

   وقد أصبح ’وارث الدين محمد‘ زعيما دينيا محترما، لا يمكن تجاهله في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد طلب منه، سنة 1992، القيام بصلاة في ’مجلس الشيوخ الأمريكي‘  (au Sénat Américain)، وهو الذي قام بالصلاة الإسلامية خلال الصلاة ما بين الديانات لتنصيب ’الرئيس كلينتون‘l'investiture du Président) (Clinton، سنة 1993، ثم سنة 1997. كما صار المسلمون السود السنيون، ومن بينهم أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل، سنة 2006، قوة هامة، وهي في نمو سريع نسبيا، في قلب مجموعة السود الأمريكية. وهم يمثلون اليوم مابين 1 و 2 مليونا نسمة -  "Musulmans noirs américains"، المصدر، ص.6-7.

· ’رالف بونش‘  (Ralph Bunche :1971-1904 ): هو شخص متخصص في علم السياسة (politologue)، ودبلوماسي أمريكي، حصل على جائزة نوبل للسلام، سنة 1950، نتيجة الوساطة السلمية التي قام بها في فلسطين. كما حصل، سنة 1963، على ’الوسام الرئاسي للحرية‘(la Médaille présidentielle de la liberté) من الرئيس ’ليندون بينس جونسون‘ .(du président Lyndon Baines Johnson) وقد أصبح أول شخص ملون يتم تشريفه بهذه الجائزة.

    ولد ’بونش‘ في ’ديتروا‘(Détroit) ، ولاية ميشيغان، من أسرة أفرو-أمريكية، ذات جذور إيرلندية [أي مغربية مسلمة الجذور، حسب رواية ادريو على]، وهو بذلك منحدر من أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل، حسب ’الشريف دريو علي‘. وبعد وفاة أمه، ’أوليف جونسون‘ (Olive Johnson)، واختفاء والده ’فريد بونش‘(Fred Bunche)، قامت بتربيته جدته ’لوسي تايلور‘(Lucy Taylor) بلوس أنجلس، حيث صار عضوا نشطا في مجوعة السود. وكان ’بونش‘ تلميذا لامعا في ’ثانوية جفيرسون‘(Jefferson High School). فتم قبوله في جامعة كاليفورنيا، بلوس أنجلس، وحصل على البكالوريا بامتياز، سنة 1927، بعد أن كان متفوقا في دفعته.   
         
  وقد استعمل المال الذي جمع من طرف مجموعته، لمتابعة الدراسة في ’جامعة هارفارد‘(Université Harvard)، حيث حصل على الماجستير في العلوم السياسية، سنة 1928، والدكتورة، سنة 1934، وإن كان في نفس الوقت يشتغل أستاذا بجامعة هارفارد، من 1923 إلى 1950. وألف، سنة 1936، رسالة نقدية، بعنوان ’نظرة العالم للعرق (A World View of Race). وخلال الحرب العالمية الثانية، أعفي من الخدمة العسكرية لأسباب صحية، وعمل في ’مكتب المصالح الإستراتيجية‘(l'Office of Strategic Services) قبل الالتحاق بوزارة الخارجية للولايات المتحدة، سنة 1943. وشارك في مؤتمر سان فرانسيسكو للسلام، سنة 1945.

   وفي نهاية الحرب العالمية الثانية، شارك ’بونش‘ مع الوفد الأمريكي، في إعداد ’ميثاق الأمم المتحدة‘(la Charte des Nations Unies)، سنة 1945. وشارك أيضا، عن الجانب الأمريكي، مع ’إيلينور روزفلت‘ (Eleanor Roosvelt) ، في إعداد ’التصريح العالمي لحقوق الإنسان‘la Déclaration Universelle des Droits de) (l'homme. وفي سنة 1947، تم إشراك ’بونش‘ في المفاوضات المتعلقة بالصراع الإسرائلي-العربي. وصار آنئذ مساعدا في اللجنة الخاصة للأمم المتحدة بفلسطين، ثم كاتبا عاما للجنة فلسطين في الأمم المتحدة.

    وفي سنة 1948، عمل مع ’الكونت فولك بيرنادوت‘le comte Folke) (Bernadotte ، مبعوث الأمم المتحدة (ONU)  في فلسطين. وفي شهر شتنبر، اغتيل ’بيرنادوت‘ من طرف متطرفين يهود من ليحيي. واستمر هو بعد ذلك يعمل لدى الأمم المتحدة، وبالأخص كممثل لها على التوالي في الكونغو، واليمن، وكاشمير، وقبرص. ثم صار نائبا للأمين العام للأمم المتحدة، سنة 1968 –"Ralph Bunche"، www.wikipedia.org ، ص.1-2.
  
· ’كيث إيليسون‘Kheith Ellison, de son vrai nom Keith Maurice Ellison : né) (né en 1963   : رجل سياسة، ومحام، وسيناتور مسلم، أسود، أمريكي [مثل المغاربة الأمريكان الأوائل]، صار أول من أدى اليمين الدستوري على القرآن، أمام الكنغريس الأمريكي، سنة 2006. ومن أقواله المشهورة : "أنا لا أقدم نفسي كمسلم، بل أتقدم كأمريكي، وكشخص يحاول أن يساعد على تحسين بلاده". ففي 14 نوفمبر 2006، طلبت منه صراحة ’گلين بيك‘ (Glenn Beck)، المقدمة نجمة ’سي.إين.إين.‘ (CNN)، بأن "يثبت بأنه لا يعمل مع الأعداء [مسلمي التطرف]". وهو، كمستشار أسود ومسلم، يثير الشكوك، حسب هذه الأخيرة، لدى جزء كبير من الأمركيين.

   وخلال حملته من أجل الانتخابات مجلس الشيوخ سنة 2006، كان على كيث إيليسون (Keith Ellison) أن يبرر باستمرار حبه للوطن. وأن معتقداته لا تتدخل أبدا في عمله. وأن يفسر أن هدفه ليس الدفاع عن مصالح دينه، ولكن لتشجيع التنوع، والتسامح، والاحترام. وحتى قبل أن يصير محاميا، وظف’كيث إيليسون‘ نفسه في قلب المجتمع المدني. فنراه يشارك في المسيرة الكبيرة للسود من أجل الحقوق المدنية  (la grande marche des Noirs pour les droits civiques)، سنة 1995. وكان دائم الدفاع عن الفقراء في ’مركز مينيابوليس للحقوق‘ Centre des droits de) (Mnneapolis، والقيام بتنشيط برنامج حديث في الإذاعة، وتقديم نصائح نفيسة اجتماعية حول الشؤون العمومية، في أمريكا.

  وانتخب نائبا في مجلس نواب ’مينيسوطا‘(Minnesota)، سنة 2002، ثم أعيد انتخابه، سنة 2004، بأزيد من 80% من الأصوات. وشعبيته في مقاطعته بلغت درجة تجعله يفكر في مسار وطني. ولكن العبء تبين أنه أكثر صعوبة في انتخابات نوفمبر 2006. كما أن وسائل الإعلام تنظر بعين السخط إلى الدعم المالي الذي يقدمه له ’المجلس من أجل العلاقات الإسلامية-الأمريكية‘le Conseil) (pour les relations islamo - américaines. وتبرز الصحافة المحلية مقالاته السابقة التي كتبها أثناء دراسته. وكان يدافع فيها عن ’لويس فرخان‘ Louis Farrakhan : né) (en 1933، لتبرئته من أي معاداة للسامية (anti-sémitisme)، ليتراجع في النهاية عن أقواله. وتظل علاقته بجمعية ’أمة الإسلام‘ (Nation of Islam)، الأفرو-أمريكية [لأبناء المغاربة الأمريكان الأوائل]، غامضة.        

    وقد أثار انتخابه أخيرا، سنة 2006، بنسبة 56% من الأصوات، مرة أخرى، جدلا كبيرا، عندما طلب بأداء القسم على القرآن. فثارت ثائرة النواب الجمهوريين، وانقسم ’الكونغرس‘ (مجلسا الشيوخ والنواب في الولايات المتحدة الأمريكية) على نفسه. ثم وافق في النهاية على احترام معتقداته، واحتج النواب المؤيدون له بأن الآباء المؤسسين (les Pères Fondateurs) لم يكونوا يريدون أن يكون الدين حاجزا مانعا لولوج المؤسسات. غير أنه من الواضح أن أول منتخب مسلم بالكونغرس، من أبناء المغاربة الأمركان الأوائل، عرف في طريقه آلاما حقيقية للوصول إلى ذلك – "Ellison"، www.societe.fluctuat.net، ص.1.
  
   وختاما، يمكن القول بأن حنين أبناء المغاربة الأمريكان الأوائل إلى دين  ووطن آبائهم الأصليين [أمبراطورية المغرب القديمة] جعلهم، نتيجة عزلتهم التاريخية الطويلة، تبنون هوية، وأسطورة، وشهرة مجادل فيها، لإحياء صلتهم بمغرب أمبراطورية الأجداد، بين  1492-2010. وهو ما ترصده ’بولين گيدج‘(Pauline Guedj) مؤكدة : "أن الشعب الأفرو-أسيوي، شعب مسلم، كما رسم ذلك، ’الشريف علي دريو‘  (Noble Drew Ali)، و’إليجياه محمد‘(Elihiah Muhammad)، كقبيلة أصلها من موقعين رمزيين، رفيعين، في تاريخ الإسلام،  لدى انطلقلاقه [حسبهم]، هما قطبي المغرب، السعودية، لنشر تأثيره على مجموع البشرية (...). فأعضاء معبد ’الشريف دريو علي‘(Noble Drew Ali) منحدرون من المغرب (originaires du Maroc)، وأن زعيمهم، ومرشدهم، الذي ازداد بهذا البلد [المغرب، حسبهم]، يكون قد تلقى مهمة من ملك المغرب (Roi du Maroc) لتعليم الأفرو-أسيويين [دينهم] (...). والمفارقة  في جمعية ’أمة الإسلام‘Nation of)  (Islam، تتجلى بين الإسلام، كهوية أفرو-أسيوية ’للإنسان الأسود‘identité afro-) (asiatique de l'homme noir، وإدماجه في العالم العربي-الإسلامي، وهي بالتالي ماثلة للعيان. وبإيغال الإسلام الأصلي هكذا في سلفية أسطورية une ancestralité) (mythique، يصبح خاصا بالسود الأفرو-أسيويين [وحدهم]، وليس العرب [وحدهم، في تصورهم]، وإن كان العالم العربي-الإسلامي [متعدد الأجناس، ومنه المغرب] يشكل إحالة ثابتة في خطاب جمعية ’أمة الإسلام‘ (Nation of Islam) [في الولايات المتحدة الأمريكية حاليا] ." - " ISLAM NOIR ET IDENTITE ARABO-MUSULMANE"، المصدر السابق، ص.2.  

                                                   د. محمد صوصي علوي

 
     


                               





































1 comentario: